انسى خبرتك التقنية: لهذا السبب يعد الإبداع المهارة الأكثر أهمية للمستقبل.
هل الذكاء الاصطناعي سبب انهيار الوظائف؟ مهارة واحدة ستحدد الفائز في النهاية.
يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورةً في عالم العمل، ويُغذّي في الوقت نفسه مخاوفَ عميقةً من البطالة الجماعية. بينما يخشى الكثيرون على وظائفهم، وتتنبأ الدراسات بفقدان الملايين، يرسم جيف بيزوس، مؤسس أمازون، صورةً مختلفةً للمستقبل بشكلٍ مُفاجئ. أطروحته مُستفزةٌ ورائدة: هناك نوعٌ مُعينٌ من الأشخاص لا يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يُستبدل بهم تمامًا، مهما بلغت التكنولوجيا من تطور.
لا يشير بيزوس فقط إلى المتخصصين أو الأكاديميين ذوي المؤهلات العالية. ففكرته ترتكز على صفة جوهرية أكثر: "عقلية المخترع". هذه هي القدرة على حل المشكلات ليس باتباع صيغة محددة، بل بإعادة دمج الموارد والمعارف المتاحة بشكل إبداعي لإيجاد حلول مبتكرة للتحديات غير المتوقعة. إنها روح المخترع، والموهبة الارتجالية، والرؤية الاستراتيجية التي لا تُحسّن الأنماط الحالية فحسب، بل تخلق أنماطًا جديدة تمامًا.
ما يبدو للوهلة الأولى فلسفة شخصية لملياردير تقني، إلا أنه مدعوم ببيانات دقيقة ودراسات علمية. تكشف التحليلات، من ماكينزي إلى المنتدى الاقتصادي العالمي، عن خط فاصل واضح بين المهام الروتينية القابلة للأتمتة والمهارات البشرية التي لا غنى عنها، مثل التفكير المتباعد والذكاء العاطفي والقيادة الاستراتيجية. يستكشف هذا المقال لماذا أصبح "الابتكار" السلعة الأكثر قيمة في سوق العمل في عصر الذكاء الاصطناعي، والقطاعات الأكثر تأثرًا بهذا التحول، و"مهارات المستقبل" التي تُحدد حقًا من سيبرز كفائز في عالم العمل الجديد.
مناسب ل:
الأطروحة الاستفزازية: لماذا سيصبح الإبداع المورد الأكثر قيمة في عصر الذكاء الاصطناعي
يتناقض تأكيد جيف بيزوس على استحالة استبدال فئات معينة من العمال بالذكاء الاصطناعي بشكل مثير للاهتمام مع المخاوف الوجودية التي تثيرها ثورة الذكاء الاصطناعي لدى عامة الناس. فبينما يخشى الملايين من خطر فقدان وظائفهم بشكل كبير، يرسم مؤسس أمازون صورة أكثر تفاؤلاً للمستقبل. ومع ذلك، فإن تصريحه لا يُقدم رسالة مطمئنة بقدر ما يُقدم تقييمًا واقعيًا للواقع الاقتصادي والتكنولوجي الذي يُغير سوق العمل العالمي حاليًا.
النتيجة الرئيسية هي أنه لا يمكن استبدال جميع الأعمال البشرية بالتساوي بالخوارزميات وتقنيات الأتمتة. فهناك بالفعل شريحة من العمال المهرة الذين ترتبط كفاءاتهم الأساسية ارتباطًا وثيقًا بالخصائص البشرية، لدرجة أن استبدالهم الكامل بالآلات أمرٌ مستبعد. يتمتع هؤلاء العمال المهرة بتركيبة عقلية خاصة تتجاوز بكثير مجرد مزيج المعرفة المتاحة.
رسم الخط الفاصل بين المهارات القابلة للأتمتة والمهارات التي لا يمكن استبدالها
أظهر معهد ماكينزي العالمي، في تحليله الشامل لأتمتة الوظائف، أن حوالي 41% من جميع المهارات التي خضعت للتحليل في مختلف المهن تُظهر إمكانات تحويلية عالية من خلال الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، تكشف القياسات عن فرق جوهري: حوالي 0.7% فقط من جميع الكفاءات المدروسة يمكن أتمتتها بالكامل. عمليًا، يعني هذا أنه لا يمكن للآلات أن تتولى أي وظيفة بشكل كامل، لأن كل نشاط بشري يمثل مزيجًا من مستويات مهارات مختلفة.
الصناعات ذات أعلى إمكانات الأتمتة هي تلك التي تتميز بمهام قابلة للتكرار والتنبؤ. يمكن لقطاع التصنيع أتمتة ما يصل إلى 45% من أنشطته، بينما يمكن لقطاع النقل والخدمات اللوجستية أتمتة حوالي 40%. في قطاع التجزئة، تبلغ الإمكانات النظرية للأتمتة 53%، وفي قطاع الجملة 44%. ومع ذلك، تكمن المشكلة في التفاصيل: فهذه النسب المئوية تشير إلى مهام فردية ضمن ملف تعريف وظيفي، وليس إلى وصف وظيفي كامل.
في المقابل، تتجلى قيودٌ كبيرة في الوظائف التي تتطلب متطلباتٍ اجتماعيةً أو معرفيةً عالية. فالمهام التي تتطلب إدارةً للموظفين، أو حلاً إبداعياً للمشكلات، أو تفاعلاً شخصياً مكثفاً، عادةً ما تكون إمكانات الأتمتة فيها أقل من 20%. وهنا، تصل التكنولوجيا إلى حدودها الطبيعية.
نموذج بيزوس: الإبداع كاستراتيجية اقتصادية
لا يُجادل بيزوس في هذه المهارات بشكل مُجرّد، بل يُشير إلى سجله المهني وخبراته كمؤسس أمازون. يُعرّف نفسه صراحةً كمخترع يُطوّر ويجمع بين العديد من الأفكار المختلفة في فترة زمنية قصيرة. وتُعدّ هذه الرؤية أساسية لفهم أسواق العمل المُستقبلية: فالأشخاص الذين يمتلكون عقلية مُخترع حقيقي هم أولئك الذين لا يُحلّون المشكلات بطرق مُحدّدة مُسبقًا، بل يُعيدون دمج الموارد والمعارف المُتاحة لإيجاد حلول مُبتكرة.
من المثير للاهتمام أن بيزوس لا يُقيّم هذه القدرة كميًا من خلال المؤهلات الرسمية أو براءات الاختراع. بل يبحث تحديدًا في مقابلات العمل عن أمثلة عملية للاختراعات أو الارتجالات المبتكرة. السؤال ليس: ما الذي اخترعته وحصلت على براءة اختراعه؟ بل: ما الذي اخترعته بنفسك لحل مشكلة؟ هذا تمييز مهم يُركز على الأشخاص المؤهلين ليكونوا مُبدعين في حل المشكلات، وليس على العمال المهرة.
لقد أدت هذه الاستراتيجية إلى ثقافة مؤسسية راسخة في أمازون، تتسم بالابتكار والتجريب المستمرين، وهي جزء لا يتجزأ من هويتها. وتؤكد مبادئ قيادة الشركة على الفضول، والرغبة في التعلم، والاستعداد لارتكاب الأخطاء والتعلم منها. هذه الثقافة مبنية بعناية، وليست مجرد فكرة عابرة، بل استثمار استراتيجي في قوة عاملة قادرة على مواكبة التغيرات التكنولوجية الجذرية.
فقاعة الذكاء الاصطناعي كظاهرة إنتاجية
لا يتعارض تحذير بيزوس من فقاعة صناعية في استثمارات الذكاء الاصطناعي مع تصريحه بأن الابتكار لا يُعوّض. بل إن هذين الموقفين يتكاملان منطقيًا. إن جنون المضاربة المحيطة بالذكاء الاصطناعي يدفع رؤوس الأموال إلى مشاريع الذكاء الاصطناعي في كل مكان، وكثير منها سيفشل. وقد حدث هذا بالفعل في الماضي، لا سيما خلال طفرة التكنولوجيا الحيوية في التسعينيات، التي أظهرت أيضًا جميع سمات الفقاعة التقليدية، لكنها في النهاية أنتجت أدويةً منقذة للحياة وتقدمًا مستدامًا.
الفكرة هي: نظرًا لتدفق الأموال الهائل على الذكاء الاصطناعي، وحرص العديد من الشركات على دمجه في عملياتها، تبرز حاجة ماسة إلى أشخاص يفهمون هذه التقنيات فهمًا عميقًا، ويستطيعون استخدامها بفعالية، والأهم من ذلك، تحديد مجالات تطبيق جديدة لها. الروبوت البشري أو روبوت الدردشة الذكي ليسا قيّمين في حد ذاتهما، بل يبرزان فقط عندما يدمجهما المبتكرون في عملية الإنتاج، أو يستخدمونهما لواجهات عملاء جديدة كليًا.
مناسب ل:
حدود الذكاء الاصطناعي في التفكير الإبداعي
تؤكد دراسة أجراها معهد ماكس بلانك تجريبيًا ما يبدو أن بيزوس يفهمه بديهيًا: يتعاون البشر والذكاء الاصطناعي بفعالية أكبر في التشخيصات الطبية، لأنهما يرتكبان أخطاءً مختلفة ويتكاملان. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بحل المشكلات الإبداعي والإقناع، يبقى الإسهام البشري متفوقًا بشكل واضح.
التمييز دقيق: يستطيع الذكاء الاصطناعي التعرف على الأنماط في البيانات الموجودة، ووضع تنبؤات بناءً على انتظامات إحصائية. كما يمكنه إعادة دمج الأفكار الموجودة، وإنشاء نصوص وصور وأكواد تبدو مبتكرة للوهلة الأولى. لكن الإبداع الحقيقي - أي القدرة على ابتكار فئات جديدة كليًا أو حل مشكلات لا تتوفر لها بيانات تاريخية - يبقى مجالًا بشريًا.
تُبرهن دراسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لعام ٢٠٢٤ على ذلك من خلال مفهوم التفكير التباعدي. يتفوق البشر باستمرار على أنظمة الذكاء الاصطناعي في إيجاد حلول غير تقليدية للمشكلات الجديدة. والسبب جوهري: أنظمة الذكاء الاصطناعي تتعلم حصريًا من البيانات التاريخية. يمكنها تحسين هذه البيانات وتنويعها ودمجها، لكنها لا تستطيع ابتكار شيء جديد تمامًا.
روح الجد الإبداعية: استعارة للابتكار العملي
حكاية بيزوس عن جده ليست ذكرى عاطفية، بل استعارة إدارية ذات أثر اقتصادي. فالجد، الذي اشترى جرافة معطلة بخمسة آلاف دولار، وقضى صيفًا كاملًا في إصلاحها ببناء رافعة خاصة به، هو خير مثال على من يجد حلولًا للمشاكل، لا يتوقع حلولًا جاهزة، بل يبنيها بنفسه.
هذا يختلف عن الهندسة الكلاسيكية، التي تعمل وفق مبادئ راسخة. عمل جدي في مجال الابتكار العملي، حيث يتم التغلب على نقص المعدات المتخصصة من خلال المبادرة والتفكير الإبداعي. هذه القدرة - القدرة على التكيف مع وضع جديد أو غير متوقع وتطوير حلول عملية - هي تحديدًا القدرة التي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي، في وضعه الحالي، تقليدها.
رسّخ بيزوس هذه الرؤية. تبحث أمازون تحديدًا عن أشخاص يتبنون هذه العقلية. الشركة مستعدة لمقابلة 50 مرشحًا وعدم توظيف أي شخص بدلًا من توظيف الشخص غير المناسب. هذه الاستراتيجية في اختيار الموظفين ليست إيثارية، بل عقلانية اقتصادية بحتة: فالأشخاص ذوو الإبداع يخلقون قيمة للشركة لا تستطيع العمليات الآلية تحقيقها.
🎯🎯🎯 استفد من خبرة Xpert.Digital الواسعة والمتنوعة في حزمة خدمات شاملة | تطوير الأعمال، والبحث والتطوير، والمحاكاة الافتراضية، والعلاقات العامة، وتحسين الرؤية الرقمية
استفد من الخبرة الواسعة التي تقدمها Xpert.Digital في حزمة خدمات شاملة | البحث والتطوير، والواقع المعزز، والعلاقات العامة، وتحسين الرؤية الرقمية - الصورة: Xpert.Digital
تتمتع Xpert.Digital بمعرفة متعمقة بمختلف الصناعات. يتيح لنا ذلك تطوير استراتيجيات مصممة خصيصًا لتناسب متطلبات وتحديات قطاع السوق المحدد لديك. ومن خلال التحليل المستمر لاتجاهات السوق ومتابعة تطورات الصناعة، يمكننا التصرف ببصيرة وتقديم حلول مبتكرة. ومن خلال الجمع بين الخبرة والمعرفة، فإننا نولد قيمة مضافة ونمنح عملائنا ميزة تنافسية حاسمة.
المزيد عنها هنا:
الروبوتات رخيصة الثمن – لكن المراقبة تجعلها باهظة الثمن
أطروحة الفضاء واقتصاد الأتمتة
يبدو تصريح بيزوس حول استعمار الفضاء البشري غير منطقي للوهلة الأولى. لماذا يذهب البشر إلى الفضاء بينما الروبوتات أرخص؟ ولكن هنا أيضًا، تلعب المنطق الاقتصادي دورًا يتجاوز مجرد حسابات التكلفة. الروبوتات الشبيهة بالبشر، والتي تُقدر تكلفتها حاليًا بما بين 10,000 و60,000 دولار أمريكي، هي في الواقع أرخص بنسبة 25 إلى 30% لكل ساعة عمل من العمال البشر في الدول الصناعية.
ومع ذلك، يكشف تحليل مفصل للتكاليف أن العامل الرئيسي لتكلفة تشغيل الروبوتات الشبيهة بالبشر ليس المعدات، بل الإشراف البشري. فكل روبوت يحتاج إلى مراقبته، وتنسيق عمليات نشره، وإصلاحه، وتحسين قدراته. فنصف ساعة من عمل المراقبة يوميًا، تُقدر بأجر نموذجي قدره 100 يورو في الساعة، تُضاف إلى 18,000 يورو سنويًا لكل روبوت. وغالبًا ما يكون هذا هو عامل التكلفة الأكبر.
هذا يُظهر حقيقةً أعمق: الأتمتة لا تُغني عن العمل البشري، بل تُحوّله. فهي تُعوّض العمال عن أنشطة الإنتاج المباشر، لكنها تُنشئ مجالات عمل جديدة في مراقبة الأنظمة الآلية وتنسيقها وصيانتها وتحسينها. وهذه المجالات الجديدة تحديدًا هي التي تتطلب، وبدرجة عالية جدًا، الصفات ذاتها التي يُعرّفها بيزوس بأنها المساهمة البشرية التي لا تُعوّض: مهارات حل المشكلات، والإبداع، والقدرة على الابتكار.
مناسب ل:
- ١٣٣ مليون وظيفة جديدة بفضل الروبوتات والذكاء الاصطناعي؟ ما وراء هذه التوقعات المثيرة للجدل؟ وماذا تعني لك؟
السيناريوهات الاقتصادية الكلية: ما هي القطاعات المتضررة بشكل خاص؟
وضع البنك الدولي ومعهد ماكينزي العالمي سيناريوهات ملموسة لتأثير الذكاء الاصطناعي والأتمتة على التوظيف. ويحذر المنتدى الاقتصادي العالمي من تحول صافٍ لنحو 85 مليون وظيفة حول العالم قد تحل محلها الآلات. في الوقت نفسه، يُنشأ حوالي 97 مليون وظيفة جديدة، لا سيما في مجالات تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي والاستدامة والمهارات الشخصية.
الوضع أكثر توترًا في ألمانيا. فقد وجد معهد إيفو أن 27.1% من الشركات التي شملها الاستطلاع تتوقع أن يُؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تسريح عدد من الموظفين خلال السنوات الخمس المقبلة. وفي القطاع الصناعي، ترتفع هذه النسبة بشكل ملحوظ لتصل إلى 37.3%. وتتوقع الشركات المتأثرة انخفاضًا في متوسط قوتها العاملة بنسبة تقارب 8%.
توضح الأمثلة العملية حجم هذا التوجه: فقد خفضت شركة التكنولوجيا المالية "كلارنا" قوتها العاملة من 5500 إلى حوالي 3400 موظف، أي بنسبة 40%، من خلال الجمع بين تطبيق الذكاء الاصطناعي والاستنزاف الطبيعي للقوى العاملة. وتولى روبوت الدردشة الذكي الخاص بالشركة مهام كان يؤديها سابقًا 700 موظف. وخفضت شركة فولكس فاجن قوة العمل في قسم البرمجيات التابع لها "كارياد" بنحو 1000 وظيفة، كجزء من استراتيجية تحسين تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
مناسب ل:
التسلسل الهرمي للوظائف في المستقبل
تكشف البيانات عن نمط واضح: المهن والأنشطة ذات إمكانات الأتمتة العالية هي تلك التي تتميز بعمليات متوقعة وقائمة على قواعد. يُظهر تطوير البرمجيات أعلى إمكانات للتحول بنسبة 81%، وخاصةً للمهام الروتينية مثل كتابة الأكواد المعيارية. بينما تبلغ نسبة تحليل البيانات 79%، بينما تبلغ نسبة المحاسبة 74%. في جميع هذه الحالات، يتولى الذكاء الاصطناعي الجوانب المتكررة والمستهلكة للوقت، بينما يركز الأشخاص ذوو الكفاءة على الإدارة وحل المشكلات المعقدة وضمان الجودة.
في المقابل، تُعدّ المهن التي تتطلب تفاعلًا شخصيًا، وتفكيرًا استراتيجيًا، وإبداعًا حقيقيًا أكثر مقاومةً للأتمتة. وتشمل هذه المهن: إدارة الموظفين، والاستشارات النفسية، والأنشطة الفنية، والبحث والتطوير، والتخطيط الاستراتيجي للأعمال، وإدارة الابتكار.
المهارات المستقبلية: ملامح الحاجة الماسة
وقد حدد المنتدى الاقتصادي العالمي، في تقريره "مستقبل الوظائف 2025"، وجمعيات التعليم العالي الوطنية المختلفة، في تحليلاتها للمهارات المستقبلية، بالإجماع الكفاءات التالية باعتبارها أساسية لعالم العمل في المستقبل:
التفكير التحليلي وفهم النظم - القدرة على فهم العلاقات المعقدة، وليس مجرد إدراك الأنماط السطحية. التفكير الإبداعي والمتشعب - إيجاد حلول غير تقليدية لمشاكل لم تكن موجودة من قبل. الذكاء العاطفي ومهارات التعامل مع الآخرين - القدرة على التفاعل مع الآخرين وفهمهم وتحفيزهم وقيادتهم. المرونة والقدرة على التكيف وخفة الحركة - الموارد العقلية اللازمة للتعامل مع التغيير والتكيف بسرعة مع المتطلبات الجديدة. التعلم مدى الحياة والفضول - الرغبة الفطرية في اكتساب مهارات جديدة باستمرار وتطوير الذات مهنيًا.
يُحدد مزيج هذه المهارات بدقة سمات القوى العاملة التي يصفها بيزوس بالإبداع الذي لا يُضاهى. يستطيع الشخص الذي يتمتع بهذه الصفات التعاون مع أنظمة الذكاء الاصطناعي، واستخدامها كأدوات، مع إدراك حدودها وتطوير حلول مبتكرة لها.
دور الثقافة المؤسسية في اختيار العمالة الماهرة
استراتيجية أمازون قيّمة. فقد نظّمت الشركة ما تُركّز عليه العديد من الشركات الأخرى للصدفة: تحديد وتوظيف الأشخاص ذوي العقلية الإبداعية الحقيقية. إن ما يُسمى بعملية رفع المعايير، التي يُمنح فيها مُقابل مستقل صلاحية رفض أي مرشح لا يُلبي المعايير العالية للشركة، تُرسّخ فكرة أن توظيف الشخص غير المناسب سيُلحق ضررًا دائمًا بالشركة.
هذه ليست مجرد سياسة توظيف جريئة، بل استراتيجية اقتصادية عقلانية. فالشركات التي تسعى للنجاح في مستقبل يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي لا تستطيع تحمّل الرتابة. إنها بحاجة إلى أشخاص قادرين على تحديد المشكلات باستقلالية وإيجاد حلول غير تقليدية.
البحث والتطوير: المفتاح الاستراتيجي
تتجلى أهمية الابتكار بشكل خاص في نقاشات السياسة الاقتصادية في ألمانيا. يُظهر مؤشر الابتكار العالمي 2025 تراجع ألمانيا من المركز التاسع إلى الحادي عشر، وهو مؤشر تحذيري لاقتصادٍ استندت ميزته التاريخية على قوته الابتكارية. تكمن قوة ألمانيا تقليديًا في منتجات التكنولوجيا الكلاسيكية والتميز العلمي، بينما تتجلى نقاط ضعفها في الرقمنة وثقافة ريادة الأعمال.
سيؤثر هذا بشكل مباشر على مسألة نوعية العمالة الماهرة المطلوبة في ألمانيا. فعلى عكس بلد يُحسّن التقنيات الحالية بشكل أساسي، يحتاج الاقتصاد الموجه نحو الابتكار إلى أشخاص يُبدعون تقنيات ونماذج أعمال جديدة. وتعتمد فعالية الاستثمارات في البحث والتطوير - التي تُمثل حاليًا حوالي 3% من الناتج المحلي الإجمالي - على جودة العمالة الماهرة المُستخدمة في هذه المجالات.
مفارقة الأتمتة وتأمين العمالة الماهرة
هناك مفارقة دقيقة، وإن كانت بالغة الأهمية، تتجلى في ديناميكيات سوق العمل الحالية. فمن جهة، تُسبب الأتمتة المُدارة بالذكاء الاصطناعي فقدان الوظائف في المهام الروتينية. ومن جهة أخرى، فإن الضغوط الاقتصادية ذاتها التي تُسرّع الأتمتة - وخاصةً النقص الديموغرافي في العمالة الماهرة - تُولّد حاجةً متزايدةً باستمرار إلى أشخاص يفهمون هذه الأنظمة الآلية ويصممونها ويُحسّنونها.
وقد وثّق معهد إيفو هذا التأثير بوضوح: فبينما تتوقع 27% من الشركات فقدان وظائفها بسبب الذكاء الاصطناعي، تُوظّف الشركات في جميع القطاعات استثمارات ضخمة في تدريب كوادرها. وسيزداد الطلب على التعليم والتدريب الإضافي بشكل كبير في ألمانيا.
يتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي أنه بحلول عام ٢٠٢٥، سيحتاج حوالي ٥٠٪ من جميع العاملين إلى إعادة تدريب. قد يبدو هذا الرقم مبالغًا فيه، لكنه يُبرز عمق التحول الهيكلي الجاري. لا يمكن لمن يرغبون في البقاء على قيد الحياة في المستقبل الاعتماد على مهاراتهم الحالية.
مشكلة الاستقطاب
ومع ذلك، تبرز هنا مشكلة اجتماعية وسياسية خطيرة. فالأتمتة لا تؤدي إلى تحول موحد في المؤهلات، بل إلى استقطاب متزايد في أسواق العمل. يمكن للأفراد ذوي المهارات العالية والمبدعين والقادرين على التعلم الاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي، حيث يتحررون من المهام الروتينية، ويمكنهم تركيز جهودهم على المشكلات الاستراتيجية. أما ذوو المؤهلات المتدنية وفرص التدريب المحدودة، فهم الخاسرون.
أدركت الحكومة الألمانية هذه المشكلة، وهي تُعنى تحديدًا بتشجيع التعليم والابتكار والبحث. وقد أسفرت الاستراتيجيات السابقة عن تسجيل ما يقارب 500 براءة اختراع في قطاع الإلكترونيات الدقيقة، وتوفير حوالي 2500 وظيفة جديدة. ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الجهود كافية لإدارة ديناميكيات هذا التحول.
اقتصاديات الإبداع
إن أطروحة بيزوس حول استحالة تعويض الإبداع من خلال الذكاء الاصطناعي هي في نهاية المطاف بيانٌ قائمٌ على أسسٍ تجريبية حول محدودية تقنيات الذكاء الاصطناعي الحالية والواقع الاقتصادي لعمليات الابتكار. لا يُقصد بها أن تكون مُطمئنة، بل هناك بالتأكيد ما يدعو للقلق بشأن من يفتقرون إلى هذه الصفات والرغبة في التعلم طوال حياتهم. لكنها واقعية.
لن تهيمن الآلات وحدها على عالم العمل المستقبلي. بل سيبرز تفاوتٌ عميق: فمن جهة، سيتزايد عدد العمليات الآلية التي تديرها الآلات. ومن جهة أخرى، ستكون هناك حاجةٌ ماسةٌ إلى أشخاصٍ يفهمون هذه العمليات ويصممونها ويحسّنونها ويطورونها. يجب أن يكون هؤلاء الأشخاص مبتكرين حقيقيين - ليسوا متخصصين يتقنون مجالًا تقنيًا ضيقًا، بل أفرادًا يتمتعون بالمرونة المعرفية والإبداع والقدرة على رؤية المشكلات في سياق أوسع.
المنطق الاقتصادي بسيط: المجتمع الذي تُستبدل فيه الآلات بمعظم الناس ليس مجتمعًا قابلًا للاستمرار اقتصاديًا. إنه بحاجة إلى الناس لفتح أسواق جديدة، وتطوير منتجات جديدة، وابتكار نماذج أعمال جديدة. هذه ليست حجة أخلاقية حول قيمة العمل، بل ضرورة اقتصادية واقعية.
بالنسبة للأفراد، يعني هذا أن المسارات المهنية التقليدية، التي كانت تهدف إلى اكتساب خبرة متخصصة عميقة ضمن مسار وظيفي مستقر، أصبحت محفوفة بالمخاطر. لذا، يجب على الراغبين في الحفاظ على فرص عمل في المستقبل أن يصقلوا ما يسميه بيزوس "الابتكار"، أي القدرة على حل المشكلات بإبداع، والتكيف بسرعة مع المواقف الجديدة، واكتساب مهارات جديدة باستمرار. هذا يتطلب جهدًا كبيرًا، ولكنه أيضًا الفرصة الواقعية الوحيدة للازدهار في سوق عمل تستطيع فيه الآلات أداء جميع المهام المطلوبة بتكلفة أقل من البشر.
شريكك العالمي في التسويق وتطوير الأعمال
☑️ لغة العمل لدينا هي الإنجليزية أو الألمانية
☑️ جديد: المراسلات بلغتك الوطنية!
سأكون سعيدًا بخدمتك وفريقي كمستشار شخصي.
يمكنك الاتصال بي عن طريق ملء نموذج الاتصال أو ببساطة اتصل بي على +49 89 89 674 804 (ميونخ) . عنوان بريدي الإلكتروني هو: ولفنشتاين ∂ xpert.digital
إنني أتطلع إلى مشروعنا المشترك.
☑️ دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإستراتيجية والاستشارات والتخطيط والتنفيذ
☑️ إنشاء أو إعادة تنظيم الإستراتيجية الرقمية والرقمنة
☑️ توسيع عمليات البيع الدولية وتحسينها
☑️ منصات التداول العالمية والرقمية B2B
☑️ رائدة تطوير الأعمال / التسويق / العلاقات العامة / المعارض التجارية
خبرتنا الصناعية والاقتصادية العالمية في تطوير الأعمال والمبيعات والتسويق
التركيز على الصناعة: B2B، والرقمنة (من الذكاء الاصطناعي إلى الواقع المعزز)، والهندسة الميكانيكية، والخدمات اللوجستية، والطاقات المتجددة والصناعة
المزيد عنها هنا:
مركز موضوعي يضم رؤى وخبرات:
- منصة المعرفة حول الاقتصاد العالمي والإقليمي والابتكار والاتجاهات الخاصة بالصناعة
- مجموعة من التحليلات والاندفاعات والمعلومات الأساسية من مجالات تركيزنا
- مكان للخبرة والمعلومات حول التطورات الحالية في مجال الأعمال والتكنولوجيا
- مركز موضوعي للشركات التي ترغب في التعرف على الأسواق والرقمنة وابتكارات الصناعة


