رمز الموقع اكسبرت ديجيتال

الصين واليابان وكوريا الجنوبية: رد فعل مشترك على التعريفات الأمريكية وتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي

الصين واليابان وكوريا الجنوبية: رد فعل مشترك على التعريفات الأمريكية وتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي

الصين واليابان وكوريا الجنوبية: استجابة مشتركة للرسوم الجمركية الأمريكية وتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي - صورة إبداعية: Xpert.Digital

تحول التجارة في آسيا: الصين واليابان وكوريا الجنوبية تتعاون

اتفقت أكبر ثلاث اقتصادات في شرق آسيا - الصين واليابان وكوريا الجنوبية - على استراتيجية مشتركة للرد على سياسات الحماية التجارية المتزايدة التي تنتهجها الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب، وذلك بعد سنوات من التعاون الحذر. ويمثل هذا الحوار الاقتصادي الثلاثي الأول منذ خمس سنوات تحولاً كبيراً في العلاقات الاقتصادية الإقليمية، وقد تكون له آثار بعيدة المدى على تدفقات التجارة العالمية.

اللقاء التاريخي للقوى الاقتصادية الثلاث

في نهاية مارس 2025، اجتمع وزراء تجارة الصين واليابان وكوريا الجنوبية في بكين في أول حوار اقتصادي ثلاثي لهم منذ عام 2020. وفي هذا الاجتماع، اتفق وانغ وينتاو (الصين)، ويوجي موتو (اليابان)، وآهن دوك جيون (كوريا الجنوبية) على رد منسق على سياسة التعريفات الجمركية الأمريكية. ويمثل هذا الاجتماع لحظة فارقة، إذ كان أول جولة من محادثات السياسة الاقتصادية من هذا النوع بين الدول الثلاث منذ خمس سنوات.

وجدت الدول الثلاث المتجاورة، التي اتسمت علاقاتها بالتوتر التاريخي بسبب النزاعات الإقليمية والتوترات السياسية، طريقًا عمليًا للتعاون في مواجهة التهديد الاقتصادي المشترك الذي تُشكله الرسوم الجمركية الأمريكية. ويأتي الاتفاق قبل أيام قليلة من خطاب دونالد ترامب المُعلن، والذي كان من المتوقع أن يكشف فيه عن المزيد من الرسوم الجمركية العقابية. وكان الرئيس الأمريكي قد أطلق على هذا اليوم سابقًا اسم "يوم التحرير"، مُعززًا بذلك عزمه على إعادة صياغة العلاقات التجارية الأمريكية القائمة جذريًا.

في بيان مشترك، أكد الوزراء الثلاثة التزامهم "بالعمل معًا بشكل وثيق لإجراء مفاوضات شاملة ورفيعة المستوى" بشأن اتفاقية تجارة حرة بين بلدانهم. والهدف المعلن هو تعزيز التجارة الإقليمية والعالمية في ظل ظروف جيوسياسية متزايدة الصعوبة.

مناسب ل:

مجالات التعاون والاتفاقيات المحددة

يركز التعاون الثلاثي على العديد من المجالات المحددة التي لها أهمية استراتيجية للاقتصادات الثلاثة:

التعاون في مجال تجارة أشباه الموصلات والتكنولوجيا

يتعلق أحد الجوانب الرئيسية للاتفاقية بصناعة أشباه الموصلات، وهي قطاع حيوي للدول الثلاث. تخطط اليابان وكوريا الجنوبية لزيادة وارداتهما من المواد الخام لأشباه الموصلات من الصين، بينما أبدت الصين اهتمامها باستيراد منتجات الرقائق الجاهزة من كلا البلدين. قد تُمثل هذه الاتفاقية تحولاً كبيراً في سلاسل توريد التكنولوجيا الإقليمية، وتُعزز مرونة هذه الصناعة ذات الأهمية الاستراتيجية.

يُعدّ التعاون في قطاع أشباه الموصلات جديرًا بالاهتمام بشكل خاص، نظرًا لكون كلٍّ من اليابان وكوريا الجنوبية حليفتين سياسيتين وثيقتين للولايات المتحدة، وتتعرضان لضغوط من واشنطن للانضمام إلى استراتيجيتها الرامية إلى احتواء الصين اقتصاديًا. ويبدو أن الدول الآسيوية المجاورة الثلاث تسعى إلى إيجاد مسارها الخاص الذي يحمي مصالحها الاقتصادية دون المساس بمواقعها الجيوسياسية.

تعزيز سلاسل التوريد وضوابط التصدير

من المحاور الرئيسية للاتفاقية تعزيز سلاسل التوريد الإقليمية. وقد اتفقت الدول الثلاث على توثيق التعاون في مجال سلاسل التوريد، وتعتزم تكثيف التبادلات بشأن ضوابط التصدير. وتهدف هذه التدابير إلى تحسين قدرة اقتصاداتها على مواجهة الصدمات الخارجية، كالنزاعات التجارية.

عقب الاجتماع، أكد الرئيس الكوري الجنوبي على الرغبة في العمل المشترك على "بناء بيئة شفافة وقابلة للتنبؤ للتجارة وسلاسل التوريد". يمثل هذا التصريح، وإن كان مبهمًا في صياغته، نقيضًا واضحًا للسياسة الأمريكية الحالية، التي تسعى إلى عزل الصين دوليًا وتركيز سلاسل التوريد عالية التقنية بشكل أكبر على الولايات المتحدة.

تهديد الرسوم الجمركية الأمريكية وتأثيرها الاقتصادي

سياسة ترامب الجمركية العدوانية

ينبع التعاون الجديد بين القوى الاقتصادية الآسيوية الثلاث في المقام الأول من سياسة التعريفات الجمركية الصارمة التي تنتهجها إدارة ترامب. منذ يناير 2025، اقترحت الولايات المتحدة فرض تعريفات جمركية تصل إلى 25% على شركاء تجاريين رئيسيين مثل كندا والمكسيك، مع رفع التعريفات الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم من جميع الدول إلى 25%.

ومن الأمور الجذرية بشكل خاص الرسوم الجمركية البالغة 25% على واردات السيارات وأجزاء السيارات التي أعلن عنها ترامب، والتي من المقرر فرضها بدءًا من 2 أبريل/نيسان 2025. وصرح الرئيس الأمريكي قائلاً: "إذا صنعت سيارتك في الولايات المتحدة، فلن تُفرض أي رسوم جمركية"، موضحًا أنه ينوي استخدام الرسوم الجمركية لتعزيز مكانة الولايات المتحدة كموقع للتصنيع وخفض العجز التجاري.

وعلاوة على ذلك، قامت واشنطن خلال الشهرين الماضيين بزيادة التعريفات الجمركية على الواردات الصينية بشكل كبير من نحو 20 إلى 40 في المائة، وأعلنت عن تعريفات جمركية أخرى بنسبة 25 في المائة على الواردات من الدول التي تشتري كميات كبيرة من النفط الفنزويلي، بما في ذلك الصين.

العواقب الاقتصادية للتوترات التجارية

قد يكون تأثير سياسة التعريفات الجمركية هذه كبيرًا. بالنسبة لألمانيا، التي تُعدّ مثالًا للاقتصاد المُوجّه نحو التصدير، تُمثّل السوق الأمريكية خُمس إجمالي صادراتها العالمية وربع صادراتها العالمية من السيارات. وتشير المحاكاة إلى أن نزاعًا جمركيًا عبر الأطلسي قد يُخفّض صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة إلى النصف، ويُقلّص الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا بنحو 0.33% على المدى الطويل.

يسود عدم اليقين أيضًا الأسواق المالية الآسيوية. فرغم انتعاش طفيف شهدته أسواق الأسهم الآسيوية مؤخرًا، إلا أن التوترات المحيطة بالرسوم الجمركية الأمريكية الوشيكة على الواردات لا تزال تُضعف معنويات السوق. ووفقًا لبنك لاندسبانك بادن-فورتمبيرغ، فإن عدم استقرار القرارات السياسية في الولايات المتحدة يُثير مخاوف بشأن اضطرابات محتملة في سلاسل التوريد وارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين.

مناسب ل:

السياق التاريخي والآفاق المستقبلية للتعاون الثلاثي

خلفية التعاون الثلاثي

يُعدّ تكثيف التعاون الحالي بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية جزءًا من تقليد طويل الأمد للتعاون الثلاثي في ​​شرق آسيا. ففي عام ٢٠١١، اتفق رؤساء دول وحكومات الدول الثلاث على إبرام اتفاقية ثلاثية لحماية الاستثمار وبدء مفاوضات بشأن اتفاقية للتجارة الحرة. وفي العام نفسه، افتُتحت أمانة لتنسيق التعاون الثلاثي في ​​سيول.

انطلقت أولى جهود التعاون إثر الأزمة المالية الآسيوية في عامي 1997 و1998، مما جعل توثيق التعاون الاقتصادي والسياسي أمرًا ضروريًا. وعُقدت اجتماعات منتظمة منذ الأزمة المالية الآسيوية للحد من المخاطر الجيوسياسية، إلا أنها عُلّقت لعدة سنوات في الآونة الأخيرة نتيجةً لجائحة كوفيد-19 والحرب التجارية الأمريكية ضد الصين.

الإمكانات والتحديات المستقبلية

وتمثل هذه البلدان الثلاثة مجتمعة نحو 20% من خلق القيمة العالمية، ويمكن أن تصبح أكبر منطقة اقتصادية في العالم بحلول عام 2020. ومن شأن اتفاقية التجارة الحرة الثلاثية أن تعمل على تسريع هذا التطور بشكل أكبر، ويمكن أن تعمل على موازنة السياسات الحمائية للولايات المتحدة.

مع ذلك، لا تزال هناك تحديات أمام تعميق التعاون. لا تزال العلاقات بين الدول الثلاث متوترة بسبب النزاعات الإقليمية وغيرها من النزاعات، مثل إطلاق اليابان المثير للجدل لمياه التبريد المعالجة من محطة فوكوشيما النووية المتضررة. علاوة على ذلك، تتباين الآراء حول مدى كثافة التعاون، كما يتضح من بيان وزارة التجارة الكورية الجنوبية الذي وصف التقارير عن رد مشترك على الرسوم الجمركية الأمريكية بأنها "مبالغ فيها بعض الشيء".

تحالفات إقليمية جديدة في ظل نظام تجاري عالمي متغير

يُمثل التقارب بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية جزءًا من توجه عالمي نحو تشكيل تحالفات تجارية جديدة ردًا على السياسات الحمائية الأمريكية. وإلى جانب هذه الدول الآسيوية الثلاث، ثمة مؤشرات أيضًا على تعميق العلاقات التجارية بين كندا والاتحاد الأوروبي.

يرى خبراء الاقتصاد أن تعزيز علاقات التجارة الحرة الإقليمية استراتيجية واعدة للحد من الضرر الاقتصادي الناجم عن الرسوم الجمركية الأمريكية. ويوصي المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية (DIW) الاتحاد الأوروبي بتنويع صادراته من خلال تعميق علاقاته التجارية مع شركاء التجارة الحرة وتحسين التكامل داخل السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي. وتُظهر المحاكاة أن هذا النهج لا يُخفف الضرر الاقتصادي الناجم عن نزاع الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة فحسب، بل يُؤدي أيضًا إلى مكاسب ملحوظة في الناتج المحلي الإجمالي على المدى الطويل.

يمكن للتعاون العملي بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية في عدد متزايد من المجالات السياسية أن يُشكّل أساسًا لمزيد من التكامل في شمال شرق آسيا، وهي منطقة تفتقر حتى الآن إلى هياكل متعددة الأطراف فعّالة. وكما أكد يورغ كرامر، كبير الاقتصاديين في كوميرزبانك، لقناة ZDF: "الأمر يتعلق بإنقاذ أكبر قدر ممكن من التجارة العالمية الحرة حتى لا ينهار النظام بأكمله".

البراجماتية في زمن الحماية

يُظهر التعاون الجديد بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية أن البراجماتية الاقتصادية قادرة على سد الفجوات السياسية عندما تكون المصالح المشتركة على المحك. ورغم تنافساتها التاريخية، فقد وجدت القوى الاقتصادية الثلاث في شرق آسيا، التي تواجه توترات تجارية متزايدة مع الولايات المتحدة، سبيلاً لتعميق تعاونها الاقتصادي وتطوير استجابات مشتركة لتحديات الحمائية الأمريكية.

تُشير اتفاقيات تعزيز سلاسل التوريد، وتوسيع تجارة أشباه الموصلات، واستئناف المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة الثلاثية، إلى مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي الإقليمي في شرق آسيا. وسيعتمد استمرار هذا التعاون العملي على المدى الطويل وتجاوز الخلافات السياسية القائمة بشكل كبير على كيفية تطور السياسة التجارية الأمريكية في عهد ترامب، والفوائد الاقتصادية التي يمكن أن تجنيها الدول الثلاث من تعاونها المكثف.

مناسب ل:

 

شريكك العالمي في التسويق وتطوير الأعمال

☑️ لغة العمل لدينا هي الإنجليزية أو الألمانية

☑️ جديد: المراسلات بلغتك الوطنية!

 

Konrad Wolfenstein

سأكون سعيدًا بخدمتك وفريقي كمستشار شخصي.

يمكنك الاتصال بي عن طريق ملء نموذج الاتصال أو ببساطة اتصل بي على +49 89 89 674 804 (ميونخ) . عنوان بريدي الإلكتروني هو: ولفنشتاين xpert.digital

إنني أتطلع إلى مشروعنا المشترك.

 

 

☑️ دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإستراتيجية والاستشارات والتخطيط والتنفيذ

☑️ إنشاء أو إعادة تنظيم الإستراتيجية الرقمية والرقمنة

☑️ توسيع عمليات البيع الدولية وتحسينها

☑️ منصات التداول العالمية والرقمية B2B

☑️ رائدة تطوير الأعمال / التسويق / العلاقات العامة / المعارض التجارية

الخروج من النسخة المحمولة